مرحباً بكم في صفحة وزارة الخارجية الألمانية

كلمة معالي السفير فرانك هارتمان بمناسبة حلقة نقاش حول "جذور الكراهية" في مقر السفارة الألمانية في القاهرة يوم 4 فبراير 2024

٠٥.٠٢.٢٠٢٤ - بيان صحفي

السيدات والسادة،

نجتمع الليلة هنا لمناقشة "جذور الكراهية"، وكيف أصبحت كراهية الأجانب وكراهية الإسلام ومعاداة السامية جذوراً للتمييز والفصل والتحيز في مجتمعاتنا، مما يؤدي إلى الكراهية وحتى إلى العنف.

إننا نكتشف في مجتمعاتنا الغربية والأوروبية ميلاً مقلقاً نحو تراجع التسامح وفي قبول الأشخاص من مختلف الأصول والدين والتقاليد واللغة.

كلما أصبحت مجتمعاتنا متعددة الأوجه ومتنوعة ومتعددة الثقافات والأعراق، كلما حاولنا الانفتاح ودمج الناس من خلفيات مختلفة في مجتمعاتنا، كلما ابتعدت أجزاء من مجتمعاتنا عن مفهوم المجتمع المتسامح ويؤدي ذلك إلى دعم الأحزاب اليمينية المعادية للأجانب مثل "حزب البديل من أجل ألمانيا" (AfD).

ولحسن الحظ فقد ظهرت مؤخراً حركة شعبية قوية وهي "الأغلبية الصامتة" في مسيرات كبيرة ضد التطرف اليميني، وضد التمييز ضد الأشخاص من أصول أخرى.

تبدأ هذه الجلسة الليلة من منظور ألماني حيث تكشف عن المشكلات التي يواجهها مجتمعنا ومحاولاتنا للبقاء مجتمعاً ديمقراطياً منفتحاً. ولا نفترض استخلاص أي دروس أو تقديم أي توصيات للمجتمع المضيف لنا هنا في مصر.

ربما تسألون أنفسكم: لماذا يدار هذا النقاش الآن، حيث تخيم عليه الحرب الرهيبة في غزة، وفي جوارنا المباشر؟ لقد كنا نود إجراء هذه المناقشة بالفعل في نهاية العام الماضي. ونظراً للحرب في غزة ونظراً للأعداد الفظيعة للضحايا، قررنا تأجيل هذه الفعالية. لكننا لم نرغب في تجنب عقد هذه المناقشة الصعبة.

لقد كان يوم ٧ أكتوبر والهجوم الإرهابي على إسرائيل بمثابة صدمة للمجتمعات الغربية وللناس في ألمانيا. إن الدعم لإسرائيل كان ولا يزال قوياً في ألمانيا، وهناك أسباب في تاريخنا لذلك الأمر. لكن ما لا يفهمه الناس بشكل كافٍ في كثير من الأحيان هو التاريخ الطويل والمعقد للصراع الذي لم يبدأ في يوم ٧ أكتوبر. لا يعي الناس في بلدي المنظور الفلسطيني والعربي للصراع بشكل كافٍ.

إن ما نشاهده الآن هو كارثة إنسانية راح ضحيتها ١٢٠٠ إسرائيلي وأكثر من ٢٧ ألف ضحية فلسطينية. يتعين أن تنتهي معاناة السكان المدنيين. كل حياة لها نفس الأهمية ويتعين حمايتها. نحن بحاجة إلى هدنة إنسانية في أسرع وقت ممكن ووقف القتال من الجانبين، وإطلاق سراح الرهائن والعمل على الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وكلما طال أمد القتال وكلما كانت جراح هذا الصراع أعمق كلما تضاءلت آفاق أي حياة مستقبلية كريمة في غزة كلما تزايد الإحباط والكراهية حتى في الجيل القادم.

لن يكون السلام لإسرائيل ممكناً إلا عندما يعيش الفلسطينيون بسلام وكرامة في دولتهم. يتعين كسر الحلقة المفرغة من العنف والكراهية التي تؤدي إلى مزيد من العنف، كما يتعين فتح الطريق نحو الحل السياسي مرة أخرى. إن علينا مسؤولية إنسانية مشتركة في هذا الصدد.

إن موضوعنا الليلة لن يؤدي بنا إلى أي رؤى جديدة للحل السياسي لغزة. لكنه قد يعطينا بعض الأفكار الجديدة حول كيفية التغلب على الكراهية وتزايد الاستقطاب وتنمية المزيد من التسامح لقبول وجهة نظر الجانب الآخر بشكل أكثر قليلاً. ويبدأ هذا بالتعاطف مع معاناة ضحايا الطرف الآخر.

يميل الناس إلى تصديق كافة المعلومات التي تعزز انحيازهم لجانب الصراع الذي يدعمونه، ويرفضون كافة المعلومات التي تخالف ذلك. والنتيجة هي: المزيد من الاستقطاب، والمزيد من الشيطنة، والمزيد من الكراهية، والمزيد من العنف. وبدلا من ذلك، يتعين علينا أن نتمسك بحكمنا الفردي والمستقل والنقدي.

ونحن نعتبر أن من واجبنا ما يلي:

- التحقيق في الأسباب الجذرية للكراهية،

- إظهار الأثر السيئ الذي تتركه الكراهية الجماعية على الأفراد وعلى المجتمعات ككل،

- ولكن أيضاً للعمل على تطوير نظرة إيجابية: نود أن نظهر أنه بالإمكان التغلب على الكراهية،

- أنه يمكن طرد شياطين الماضي،

- أن المعرفة والتعليم هما مفتاح تحصين الأفراد والمجتمعات،

- أن التنوع لا يمثل تهديداً، بل هو ميزة وبركة.

في هذه الرحلة الصعبة فقد قمنا بدعوة بعض الخبراء المتمرسين، وهم:

 -  الأستاذة/ سوزان كامل ستحدثنا عن التمييز والتنوع.

-  السيدة/ فريدا أتامان، مفوضة الحكومة الاتحادية لمكافحة التمييز، هي صوت قوي ضد التمييز ومن أجل مجتمع منفتح،

- السيدة/ سيربيل أونفار، التي قتل إبنها في هجوم قتل عنصري في هاناو، حيث حولت حزنها إلى عمل ضد الكراهية والتمييز،

- السيد/ درويش هيزارسي، الذي كان ضيفنا العام الماضي، وهو ألماني ذو أصول تركية ويعمل ضد معاداة السامية في التعليم في برلين،

- والدكتور/ يوسف زيدان، الكاتب والمفكر المصري الذي سيطلعنا على وجهة النظر المصرية.

وأرحب كذلك بخمسة فنانين شباب موجودين معنا هنا الليلة وتعرض أعمالهم في هذه الغرف. والشكر موصول أيضاً للسيد/ مينا نصحي، الذي ساعد في تنظيم المعرض.

أتمنى لكم نقاشا مفيداً ومثيراً للجدل.

(يعتد بالنص المنطوق)

إلى أعلى الصفحة